تشارك السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين والاردن وقطر بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد الدولة الاسلامية، رمزيا وبالحد الادنى. هي الدول العربية نفسها التي دعمت المعارضة السورية والمجموعات المقاتلة، فعليا وليس رمزيا، وبالحد الأقصى وليس الادنى، قبل ان تقرر الالتحاق بالتحالف الدولي ضد داعش.
لكنها تبدي اليوم ترددا في الموقف تجاه المشروع الاميركي.
لقد أعلنها صراحة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الالماني في جدة يوم ١٣/١٠: على إيران سحب “قوات الاحتلال” من سوريا (…) من اجل حل الازمة السورية.
المعضلة هي نفسها للمملكة السعودية منذ الثورة الخمينية، وهي تتجلى اليوم في سوريا واليمن والبحرين والعراق ولبنان: التحدي الصريح من قبل إيران الصفوية للنفوذ السعودي العربي السني على ارض العرب، اي تصدير الثورة الخمينية، بأشكال مختلفة، الى الوطن العربي والاسلامي.
ضمنيا، يعترف السعوديون وحلفاؤهم العرب انهم يقاتلون إيران في العراق من خلال المالكية السياسية، ويقاتلون إيران في سوريا من خلال النظام الاسدي، ويقاتلون إيران في لبنان من خلال حزب الله، ويقاتلون إيران في اليمن من خلال الحوثيين.
لكن من يقاتل من الجانب السعودي؟ الجواب هو المعارضات المحلية بداية: السلفيون والاخوان المسلمون في اليمن، العشائر والبعثيون في العراق، الجيش السوري الحر والاخوان المسلمون في سوريا، خليط من القوى السلفية ومتعاطفون مع تيار المستقبل في لبنان. تطور الاوضاع في المنطقة على خلفية الثورات والثورات المضاضة في العالم العربي، عسكرة المواجهات على كافة الساحات فتحت الباب واسعا لدخول العناصر الراديكالية والعنفية من تنظيمات لها ارتباطات عضوية بالقاعدة الى مجموعات تدور في فلك الجهاد الدولي: فتعاظم دور الدولة الاسلامية بحكم الواقع وبفضل التعاطف والتشجيع والدعم الآتي بجزء كبير منه من السعودية والخليج وكذلك من تركيا.
اليوم، وفي حين ان إيران مستمرة في تقدمها في بلاد العرب، وهي تواصل تقاربها مع الولايات الاميركية وانفتاحها على المجتمع الدولي، تشترط السعودية لاستمرارها وشركاؤها بقرارهم القضاء على داعش ان تنسحب إيران من سوريا اولا…
تركيا تشترط هي ايضا تغيير النظام في سوريا للمساهمة فعليا في ضرب داعش لكنها تتجنب المواجهة مع إيران لاعتبارات عدة.
السعودية وخصوصا الصقور من الامراء ومنهم وزير الخارجية يرفعون سقف مطالبهم في سوريا بعد الحل الوسط الذي وجد لإعادة تكوين السلطة مرحليا في العراق. بالفعل، هم يشترطون على واشنطن الالتزام بتأمين مصالحهم في سوريا بوجه إيران وتحت اعلى سقف ممكن من اجل تحسين شروطهم التفاوضية متى جاء وقت المساومات على كافة ساحات الاشتباك.
ما يحصل الآن قد يبدو وكأنه ابتزاز سعودي لواشنطن وتهديد برفع الغطاء العربي السني عن التحالف الدولي ضد الارهاب الداعشي. بالحقيقة، هو اقل من ابتزاز وأكثر من ضغط: هو صرخة رعب صادرة من من يخشى خسارة ورقة داعش المستعملة مقابل ورقة تصدير الثورة الخمينية، من دون ان تحفظ له في المقابل مصالحه عند التفاهمات الكبرى الآتية حكما بين ايران والولايات المتحدة.