اعلنت وزارة الداخلية السعودية (٠٢/٠٩) عن توقيف ٨٨ ارهابيا، في حين كان ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز يختتم مباحثاته في باريس المخصصة في جزء كبير منها لمكافحة الارهاب، وفي حين تنتظر الرياض زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري ضمن جولة شرق اوسطية هدفها انشاء محور اقليمي-دولي لمحاربة الدولة الاسلامية. في اليوم ذاته، كشفت السلطات السعودية عن اعتداء ارهابي على خط انابيب النفط في المنطقة الشرقية من المملكة، في حين يدور حديث في اروقة القصور الخليجية عن امكانية حدوث عمل ارهابي كبير او هجوم مركز ومنسق من قبل داعش والقاعدة في الداخل السعودي خلال فترة عيد الاضحى.
يأتي كل ذلك في حين يوجه النظام السوري دعوة للافرقاء الاقليميين والدوليين من اجل التنسيق مع دمشق لضرب الارهاب، نداء يرفض الاستجابة له الغرب من منظور سياسي اوحتى اخلاقي وهو المتعطش لقبوله من منظور امني وعسكري ومخابراتي. فيكرر الاوروبيون، وهم منكبون على سن القوانين الداخلية التي يأملون من خلالها تجنيب بلدانهم خطر الارهاب الاسلامي القادم، رفضهم لاشراك الرئيس السوري بشار الاسد في حربهم المستجدة على الارهاب، وخصوصا فرنسا التي تستذكر آسفة فشل مشروع قصف سوريا منذ السنة تحديدا…
في الوقت ذاته، تتعاون القوات الاميركية مع قوات النظام السوري، من خلال الروس والعراقيين، ومع الايرانيين، من اجل انجاح ضرباتها الجوية وعملها الاستخباراتي ضد الجهاديين المتعددي الجنسيات في سوريا والعراق.
رسميا وفي السياسة، لندن وباريس وعواصم اوروبية اخرى ترفض فكرة اعادة تأهيل النظام السوري بحجة فاعليته وخبرته في محاربة الارهاب الذي ساهم بالتأكيد في انتشاره وتوسعه، وهي تجهد اليوم لتصمد اطول وقت ممكن قبل السقوط في ما قد يبدو لها فخا سوريا ايرانيا روسيا يجعلها هي واجهزة استخباراتها رهينة تحكم دمشق ببنك المعلومات الاغنى في العالم في مجال الارهاب المتعدد الجنسيات… لكن وفي الكواليس، تتهافت اجهزة الاستخبارات الغربية من اجل الافادة من داتا المعلومات التي كونتها الاجهزة السورية بفضل خبرتها في التعامل مع الارهاب الاسلامي في العراق وسوريا ولبنان وعلى الساحة الفلسطينية وغيرها.
يبقى من يراهن في باريس ولندن وغيرها من العواصم الغربية والاقليمية على قلب النظام الاسدي من اجل استعادة مفاتيح خزنة الاستخبارات السورية من نظام حليف وهذه امكانية ستظل موجودة في الامد المنظور، ولكنها امكانية لا تحذف ضرورة وربما حتمية التعاون المباشر او الغير المباشر للتحالف الدولي-الاقليمي القادم ضد داعش مع اجهزة النظام السوري الحالي الامنية والعسكرية. دمشق تريدها اعادة تأهيل سياسي للنظام بينما “شركاؤها” المرغمون يريدون الاكتفاء بتعاون امني استخباراتي. على ارض الواقع، النتيجة لا بد ان تكون في مكان ما بين هذين السقفين. هذا ما فهمه ربما الاميركيون وهذا ما يبدو ان بدء السعوديون يتفهموه… خصوصا وان اردنا ان نصدق ما يشاع عن ان توقيف الخلايا الارهابية من قبل اجهزة الامير محمد بن نايف بن عبدالعزبز قد تكون ثمرة تعاون ما، مباشر او غير مباشر، مع الاستخبارات السورية…