أحد الوزراء المعنيين مباشرة بالملف الاقتصادي يبشر بان المساعدات الدولية المرتقبة لصالح النازحين السوريين ستساهم في إنعاش الدورة الاقتصادية في لبنان. قد يكون ذلك صحيحا مع ضخ السيولة في الاقتصاد اللبناني وانشاء المشاريع الاجتماعية المحلية وتنشيط الاستيراد والخ. على اي حال قد يكون للحرب السورية اثرا جد إيجابي على بعض القطاعات بفعل هجرة الاموال من سوريا الى لبنان وانتعاش حركة الإيجارات من قبل السوريين وكل ما هو مرتبط مباشرة او غير مباشرة بالاستهلاك اليومي للأسر الوافدة.
انما الآثار السلبية للنزوح السوري الكثيف والعشوائي على الاقتصاد اللبناني أكبر والخسائر الهائلة لن تعوضها بعض المكاسب القطاعية والظرفية. لن نغوص في تحليل اقتصادي ومالي للوضع المترتب عن النزوح السوري الى لبنان ولا في تقييم لتأثيراته الاجتماعية الآنية وحتى لنتائجه الامنية والديموغرافية والسياسية، لكننا سنكتفي بتذكير معالي الوزير صاحب نظرية استنهاض الاقتصاد الوطني بفضل المساعدات المرتقبة للنازحين السوريين ان السيناريو نفسه أنعش الاقتصاد اللبناني من خلال الاموال العربية والخليجية المتدفقة على ابو عمار من اجل ابعاد النزاعات القاتلة عن بلدانهم، ولكننا خسرنا لبنان من جرائه. لقد حركت بالفعل اموال منظمة التحرير الفلسطينية واموال المساعدات اللاجئين الفلسطينيين قطاع المصارف وغيره انما ثمن هكذا اقتصاد موازي كان باهظا لقصر نظرنا وانغماسنا بتناحرات طائفية وسياسية فضلا عن اعطائنا الاولوية لمصالح آنية ضيقة على حساب الوطن.
في مقالة بعنوان “هجرة السوريين الى لبنان: الحل بالتوطين؟” (النهار ٢٨/٠٨)، نقترح توطين الوظائف لصالح المواطنين اللبنانيين لسببين: الاول، بديهي، وهو للمحافظة على مصلحة المواطن اللبناني وعلى استقرار مجتمعنا، والثاني، لتفادي توطين السوريين الوافدين وفلسطينيي سوريا في لبنان على حساب ديمومة واستمرارية الوطن. فبذلك اصابة عصفورين بحجر واحد: تحريك الدورة الاقتصادية وتثبيت اللبناني في حقه وارضه.