بعد ان احكمت الطبقة السياسية اللبنانية الفاشلة سطوتها على الحياة العامة وعلى مقدرات الوطن، استجد امر خطير تم التعامل معه وما زال حسب المصالح الفئوية وعلى حساب ديمومة الكيان اللبناني الا وهو تدفق ما يقدر اليوم بمليون ونصف المليون لاجئ ونازح ووافد سوري وفلسطيني من سوريا.
لن نغامر في تحاليل للوضع السوري ولن نتطرق الى تداعيات الازمة السورية على لبنان الا من باب الهجرة الكثيفة والخطيرة للسوريين من بلدهم الام الى ما يعتبره الكثيرون منهم اقليم لبنان السوري، وان ازعج اقتراحنا هذا الكثير من رموز الصف الاول والاخير للطبقة السياسية الفاشلة الحاكمة بامرها وبالتواطؤ مع طبقة دينية تبغي الربح المعنوي والسياسي من خلال تلاصقها بالطبقة السياسية المنعدمة الاخلاق والمبادئ.
ما يهمنا اولا وآخرا يبقى المحافظة على الهوية اللبنانية من خلال المحافظة على اللبنانيين وعلى ثقافتهم وعلى حريتهم وعلى امنهم وعلى كل ما يميز وجودهم في لبنان ويطمئنهم على مصيرهم وعلى ديمومة الكيان اللبناني الجامع والضامن في محيط هائج وخطير. اقتراحنا هو توطين الوظائف في لبنان من اجل اعادة الاعتبار للعامل اللبناني والبدء بعملية اقتصادية اجتماعية سياسية واسعة من اجل تحرير الوطن من خطر المجازفة بفقدان الهوية اللبنانية تحت ضغط الديموغرافيا الغريبة واليد العاملة الرخيصة فعل يأسها وبؤسها.
لن تستطيع الطبقة السياسية الحالية حتى الاستماع لهكذا اقتراح خوفا على استمراريتها المرتبطة باستمرار التأزم والانهيار العام وخشية الوقوع في فخ ضرورة الاختيار الواضح بين التحيز الخالص للبنان او التحيز لمصالح فئوية وغير وطنية. اقتراحنا بالعمل على اعطاء الافضلية في الوظائف كافة للبنانيين، بلا خجل ولا عقدة نقص كما هي حال السعوديين مثلا الذين يتباهون بسياسة توطين الوظائف او سعودتها، ليس مستحيل المنال ولو حتم كلفة اقتصادية محدودة وربما كانت ضرورية ايضا من الناحية الاقتصادية لاعادة هيكلة سوق العمل وتحفيزه.
لتفادي الوقوع عاجلا ام أجلا في فخ توطين مليوني سوري وفلسطيني من سوريا، يجب علينا العمل سريعا بهدف توطين الوظائف واعطاء الافضلية لتوظيف اللبنانيين. فبذلك نستبق مشكلا مستعصيا خصوصا وان الازمة في سوريا تبدو طويلة الامد، ونشتري ما تيسر من امن اجتماعي في وقت انعدم فيه الامن.
لاقتراحنا هذا كلفة مادية وهي ضريبة الابقاء على الهوية اللبنانية في خضم العاصفة الاقليمية التي تحتم على لبنان استقبال السوريين الغير مرحب بهم في تركيا او العراق او الاردن او البلدان المجاورة والعربية الاخرى. لن يجرؤ احد على تبنيه من الطبقة السياسية، ولكنه يبدو انه الحل الوحيد، وان كان صعبا سياسيا ومكلفا ماديا، من اجل تمرير مرحلتنا الدقيقة هذه ومن اجل عدم الوقوع لاحقا في فخ توطين الوافدين او حتى الغاء الحدود نهائيا بين بلدهم الام و بلدنا المضياف. على العامل اللبناني ارادة وطلب العمل، وعلى رب العمل التحلي بالحس الوطني و طلب العامل اللبناني، وعلى الجميع الوعي لخطورة التمادي ب”سورنة” الطبقة العاملة…