موقع العالمية الإخباري، 7 أيار 2012.
أقرت الحكومة الهندية مؤخراً حزمة إجراءات لإنقاذ شركة الطيران الوطنية “طيران الهند”. وتشير هذه الإجراءات إلى تعثر قطاع الطيران الهندي، نتيجة السياسات الشرائية المتهورة، والضرائب الحادة على الوقود، والمنافسة الشرسة مع الخطوط الجوية الأجنبية، خاصة تلك التي تمثل دول مجلس التعاون الخليجي. وذكرت الكاتبة منى سكرية، في تقريرها الذي ننقله لكم في العالمية(www.alamiya.org) عن بوليسي مايك، أنّ الحكومة الهندية تدرس أيضاً السماح لشركات الطيران الأجنبية بالإستثمار والمشاركة في الشركات المحلية لتفادي التعسر الوشيك. ولا تسمح القوانين الراهنة للخطوط الجوية الأجنبية بالإستثمار في شركات الملاحة الوطنية ولو أنّ المستثمرين الأجانب بإمكانهم الإستحواذ على 49 في المئة من أسهم الشركات.
ومع مواجهتها إحجام المستثمرين المحليين عن تمويلها، فإنّ شركات مثل “كينغ فيشر ايرلاينز” و”سبايس جت” تحتاج بشدة إلى رأس المال الأجنبي. وبالرغم من الديون المشتركة التي تصل إلى 20 مليار دولار، وأسعار الوقود المرتفعة، والأنظمة الصارمة، فإنّ الخبراء يتوقعون أن يؤدي القرار الهندي، الذي يخفف القيود على الإستثمارات الأجنبية، إلى جذب مستثمرين أجانب إلى ما يمكن اعتباره سوقاً مربحة للغاية. فالرحلات الجوية المحلية بين نيودلهي ومومباي وبانغالور تعتبر من بين أكثر الخطوط ازدحاماً في العالم، من حيث استيعاب الركاب وعدد الرحلات على حد سواء.
ويعتبر المجال الجوي الهندي مغرياً بشكل خاص للشركات الخليجية، فالهنود يشكلون أكبر جالية في دول الخليج العربي، بيد عاملة تصل إلى 5 ملايين عامل، يتنقلون باستمرار بين الهند ودول الإستضافة. وفي الوقت الذي تواجه فيه شركات الطيران الغربية قيوداً مالية وتختار التضحية ببعض وجهاتها، فإنّ الخطوط الجوية الخليجية تعتبر في موقع جغرافي جيد لتحل مكان الشركات الغربية، وتقدم خدماتها في السوق الآسيوية التي تعرف نمواً سريعاً. فقد اختارت كلّ من شركات “أميركان ايرلاينز”، و”لوفتهانزا”، و”كي ال ام”، و”اير فرانس”، و”النمساوية”، و”كانتاس” مؤخراً أن تقطع بالكامل أو تقلص رحلاتها الجوية إلى الهند. ويعني ذلك أن خطوط الربط بين أوروبا وآسيا، وكذلك بين آسيا وأستراليا وأميركا، التي لم تكن في الأساس كافية، تمثل اليوم فرصاً إضافية للشركات.
وحتى وقت قريب سعت الحكومة الهندية إلى احتواء، وليس تشجيع، نمو الخطوط الجوية الخليجية وتوسعة خدماتها في شبه القارة الهندية، في محاولة لحماية الناقل الوطني “طيران الهند”. ومع ذلك فإنّه وكما يظهر من خلال خطة الإنقاذ الجوية الهندية، فإنّ السياسات الوقائية غالباً ما لا تثبت نجاحها في بيئة مماثلة.
ويؤدي ارتفاع تكاليف العمليات في المطارات الهندية، خاصة دلهي ومومباي، إلى جعلها من بين أغلى المطارات في آسيا. وكان قد اتخذ قرار مؤخراً، من جانب هيئة التنظيم الإقتصادية للمطارات الهندية، لزيادة رسوم المطار بشكل كبير يصل إلى 346 في المئة ابتداء من هذا الشهر، ما يعني أنّ مطار نيودلهي يتجه إلى تصدر لائحة أغلى مطارات العالم. ولا يمكن للعديد من الشركات الجوية تحمل مثل هذه التكاليف ما يدفعها إلى الإنسحاب. من جهة أخرى، فإنّ لدى الشركات الخليجية، بما تملكه من دعم من سلطاتها السياسية والمالية، الوسائل لملء هذا الشغور.
وبحسب اتحاد النقل الجوي الدولي فإنّ الهند حققت ثاني أفضل نمو لحركة النقل الجوي على مستوى العالم بعد البرازيل. كما توفر إمكانات هائلة للنمو باعتبار أنّ 2 في المئة فقط من الهنود يستخدمون النقل الجوي، بحسب مركز آسيا الباسيفيك للطيران. ومع هذه الموارد الكبيرة غير المستغلة فإنّ الفرصة سانحة أمام الخطوط الجوية الخليجية التي تملك القدرة والخبرة للخوض في هذا المجال والإستفادة من سوق يمكن أن تكون مربحة للغاية، في ما يعتبر وضعاً مربحاً للطرفين؛ الحكومة الهندية والشركات الخليجية.
Click here for the English version.